آراء

على هامش الجدل حول تدريس اللغات ولغات التدريس.. الأمازيغية أولا وأخيرا

Publié le 11 مارس 2019 à 22:21 على هامش الجدل حول تدريس اللغات ولغات التدريس.. الأمازيغية أولا وأخيرا

 كتبه: حسن الحطري
 
ظلت السياسة التعليمية والتربوية التي اتبعتها الدولة المغربية منذ سنة 1956، والقائمة على المبادئ الأربعة وخاصة منها مبدأ التعريب، عنصرا حمل اختلالات كانت نتيجتها الحتمية الفشل الذريع. لذلك فالحركة الأمازيغية جعلت من مبدأ سياسة تعليمية وطنية وديمقراطية بمدرسة مغربية أهم مطالبها، خصوصا وأن هذه القناة كمؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية ظلت واجهة لخدمة رهانات التعريب الشامل والأعمى. علاوة على مطلب تدريس الأمازيغية والتدريس بها في كافة مستويات وأسلاك التعليم ولكل المغاربة وإدماج المنظومة التعليمية والتربوية في المنظومة الأمازيغية باعتبارها هي الأصل.
 
وقد كشفت العديد من الأبحاث والدراسات التي تناولت موضوع “هوية المدرسة المغربية” عن الاختلالات الكبرى التي نجمت عن طبيعة هذه السياسة الغوغائية التي اتبعت في مجال التربية والتعليم وانعكاساتها النفسية والرمزية على المحيط السوسيو-ثقافي بالمغرب.

ومن هنا يتبين دور وأهمية الأمازيغية على مستوى بلورة سياسة محكمة على صعيد الخطط والنظم الاجتماعية مثل مجالات التعليم والتربية والمعرفة والتنمية والتطور وتسعى إلى القطيعة مع كل الخيارات التي تحكمت في وجود هذه العوائق والاختلالات.

وعودة إلى خطط التعليم بالمغرب التي لم يقتصر فيها مبدأ التعريب على مستوى لغة التلقي فقط، بل تعداه ليمس جانب البرامج التعليمية والمقررات الدراسية والمناهج المعتمدة داخل فضاء المدرسة التي أفرغت من أي محتوى ومضمون حضاري وثقافي وعلمي وإنساني، بعد أن تحولت إلى جهاز للقمع الرمزي وخدمة قضايا الاستلاب والأحادية اللغوية والثقافية والميز.

وفي دراسة سابقة لمنظمة “حقوق الإنسان لروابط التربية” وهي منظمة غير حكومية أمريكية، أكدت أن الكتب المدرسية والبرامج التربوية ونظم التعليم في المغرب تكرس هذا المضمون الذي يقوم على الميز اللغوي والثقافي والديني، ومن أهم العناصر التي يمسها هذا التمييز ـ حسب هذه الدراسة ـ المرأة و”الأقليات”، وهو ما اعتبرته من بين الاختلالات الموجودة في مجال التعليم التي تنعكس سلبا على مستوى الاستقرار والتنمية ويكشف في نفس الوقت حقيقة خطط وبرامج التعليم في المغرب.

كما أكدت هذه الدراسة أن هذه البرامج تعكس التمييز وقلة الانفتاح الثقافي والديني وإقصاء المكونات اللغوية و”العرقية” والدينية التي لا تنتمي إلى حقل “العروبة والإسلام”، في إشارة إلى غياب أية مكانة للعناصر الأخرى خارج هذه المنظومة، خاصة الأمازيغية (لغة وثقافة) والأديان الأخرى (اليهودية مثلا)… وهو ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي ويستوجب ضرورة اعتبار قيم التسامح واحترام حقوق المكونات الأخرى ومختلف التنوعات الدينية والثقافية والحضارية واللغوية من داخل خطط وبرامج التعليم وضرورة انسجامها مع واقع سوق الممتلكات الرمزية لهذا المجتمع كإجابة موضوعية على الاختلالات الاجتماعية القائمة.

وإذا كانت رهانات التعريب على مر العقود الماضية واضحة وترتبت عنها انعكاسات قاسية وسلبية للغاية على الإنسان المغربي ذاتا هوية، فإن رهانات “التمزيغ” تتجسد أساسا في تجاوز مخلفات الاختيار الأول وحالات الاختلالات السابقة التي مست أهم مجالات النظم الاجتماعية بالمغرب. إضافة إلى ذلك يمكن أن تشكل هذه الرهانات المرجعية التاريخية لأي مشروع مجتمعي يشكل فيه التعليم الجوهر والمدخل للقضاء على واقع التخلف والاستلاب الثقافي والتفكك الاجتماعي والصراع السياسي والإيديولوجي والتأخر الاقتصادي عن طريق اعتماد الأمازيغية ضمن المقاربات والإستراتيجيات التي ترسم السياسة الاجتماعية لما لهذه المسألة من أهمية داخل المجتمع.

من هنا يمكن القول بأن المنظومة التعليمية بالمغرب ولدت “فاسدة” و “فاشلة” إلى حد أن الإصلاحات التي همت السياسة التربوية ببلادنا ظلت محكومة بالثوابت التي أسست عليها هذه المنظومة. هذه المبادئ والثوابت نفسها هي التي حملت بذور الفشل. من هنا نعتبر بأن السياسة التعليمية بالمغرب تأسست وفق أسس إيديولوجية أكثر مما هي أسس ذات عمق تربوي أو علمي. ومن تجليات ذلك، أن هذه السياسة لم تكن لها القدرة على إبراز تطابق الواقع المغربي بكل عناصره وخصوصياته مع مضامين المقررات الدراسية والبرامج التعليمية. علاوة على ذلك، فقد ظلت المدرسة المغربية بدون هوية حقيقية. هوية تعكس العناصر اللغوية والحضارية والهوياتية والثقافية والوجدانية للمغرب والمغاربة، كما أن هذه المدرسة ظلت بمثابة جهاز “قمع رمزي” للتلميذ المغربي الذي كان يجد نفسه دوما وسط بحر لا يعرف كيف يسبح فيه على حد تعبير ذ محمد شفيق. ورغم الأهمية التي يكتسيها الشأن التعليمي والتربوي داخل كل بلد، بحكم أنه رافعة للتنمية والبناء الاقتصادي. كما أنه ذات دور من منطلق أهميته الإستراتيجية والحيوية لكونه من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، فان قطاع التعليم بالمغرب ظل حبيس حلول ترقيعية لم تستجب لحد الآن لمتطلبات الإصلاح الجذري الذي من شأنه تجاوز الاختلالات الكبرى التي تعاني منها المنظومة التربوية والتعليمية بالمغرب، إلى حد أنه يمكن تشبيه حال وواقع هذا القطاع ب “الرجل المريض”، وما حال التدريس الكاريكاتوري للأمازيغية إلا دليل على ذلك.

Blog

>

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Derniers articles

Publié le 1 يوليو 2021 à 16:51
المقال الاول
Publié le 28 يونيو 2021 à 10:34
Bonjour tout le monde !